الفلاحة الحافظة

أنت هنا: خبير الحبوب الفلاحة الحافظة

تعريف الفلاحة الحافظة وتطورها بالبلدان الرائدة

ترتكز الفلاحة الحافظة بالأساس على المبادئ الرئيسية المرتبطة التالية: حذف عملية الحراثة، التداول الزراعي (لمقاومة الإمراض والأعشاب الطفيلية ولتحسين خصوبة الأرض) والحفاظ على كساء نباتي دائم للتربة (مقاومة الانجراف، الحد من التبخر وتحسين المادة العضوية في التربة).

تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية من الدول الرائدة في تطور نظام الزراعة الحافظة حيث انطلقت هذه التقنية مع بداية العشرينات نتيجة لتفاقم الانجراف عن طريق الرياح و مياه السيلان الناجمة عن الحراثة المتكررة للأرض مما يجعل التربة هشة و يزيد في قابليتها للانجراف لذلك قامت السلطات الأمريكية:

  • بإحداث مشروع حماية التربة وذلك بإقامة المصدات الترابية و الزراعة حسب خطوط الارتفاع في الأراضي المنحدرة.
  • بتطوير نظام التصرف في البقايا الزراعية كتقنية للحفاظ على التربة في الأراضي المهددة بالانجراف حيث قام الباحثون بجامعة تكساس في الأربعينات بابتكار المحاريث ذات الأسنان للتحكم في هذه البقايا الزراعية دون تفتيتها(التقنيات الزراعية المبسطة).

مع بداية الستينات أحدثت ثورة في تقنية البذر المباشر مع اكتشاف مادة 2-4 د و الباركواي و كذلك مادة الأترزين (مصطلح الحرث الكيميائي والبذر المباشر)

اكتشاف الراوندوب من طرف شركة منسنتو سنة 1978 (مبيد كلي للأعشاب) مما احدث ثورة و تقدم كبير في تقنية الفلاحة الحافظة بالولايات المتحدة حيث ارتفعت المساحات إلى حدود 2,2 مليون هك.

كما هو الحال بالولايات المتحدة الأمريكية، انتشر تطبيق نظام الزراعة بدون حرث بكل البلدان التي تعاني أراضيها من عوامل التعرية مستفيدين من التقدم الذي أحرزه الأمريكيون فكان انتشار التقنية بصفة تصاعدية مثل: البرازيل، أستراليا والأرجنتين.

تقدر المساحات الجملية تحت نظام الفلاحة الحافظة بالبلدان الرائدة خلال سنة 2010 بـ: 125 مليون هك موزعة على النحو التالي:

  • الولايات المتحدة الأمريكية: 40 مليون هك أي 39 % من المساحة العالمية
  • أمريكا الجنوبية (البرازيل، الأرجنتين ...): 55.5 مليون هك أي 46 % من المساحة العالمية
  • استراليا: 14 مليون هك أي 17.6 % من المساحة العالمية
  • باقي الدول:12 مليون هك.

على المستوى الوطني

تعود التجربة التونسية في ميدان الفلاحة الحافظة إلى سنة 1999 من خلال مشروع التنمية الفلاحية بالمناطق المندمجة (PDARI) والذي خص ولايتي الكاف و سليانة على امتداد ثلاثة (3) مواسم.

أما المرحلة ثانية فقد ابتدأت خلال موسم 2002 ضمن المشروع الممول من طرف الصندوق الفرنسي للبيئة العالمية وذلك على امتداد أربعة (4) مواسم حيث شمل برنامج العمل جل ولايات الشمال (الكاف، سليانة، جندوبة، باجة، زغوان، بنزرت، بن عروس ومنوبة).

ثم تواصلت التجربة من خلال مشروع دعم تنمية الفلاحة الحافظة الممول من طرف الصندوق الفرنسي للبيئة العالمية برعاية الوكالة الفرنسية للتنمية ابتدءا من موسم 2007 وإلى غاية موسم 2011.

كما انطلق مشروع تطويع الفلاحة الحافظة لتيسير تبنيها من قبل صغار الفلاحين بشمال إفريقيا سنة 2012 ليمتد إلى سنة 2016 ويهدف هذا المشروع إلى اكتشاف أهم عوائق تبني تقنية الفلاحة الحافظة من طرف صغار الفلاحين وسبل تخطيها (العوائق الاجتماعية والاقتصادية) وإلى استنباط واختبار تحسينات على مستوى ألات البذر المباشر وعلى مستوى التصرف في الأعشاب الدخيلة والبقايا الزراعية في نضم الفلاحة الحافظة كما يسعى كذلك إلى الرفع من المستوى العلمي للفنيين والباحثين الشبان لتطبيق ونشر الفلاحة الحافظة. يشمل هذا المشروع 03 بلدان وهي تونس، الجزائر والمغرب مع إمكانية انضمام ليبيا وموريتانيا في فترة لاحقة. يقوم المركز الأسترالي الدولي للبحوث الزراعية (ACIAR) بالتمويل و الإشراف على هذا المشروع بالتعاون مع المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة(ICARDA).

منطقة تدخل المشروع بتونس هي معتمدية فرنانة التابعة لولاية جندوبة والتي تختص بمنظومة زراعية إيكولوجية ذات إمكانيات إنتاج عالية وتنتمي إلى المناخ الشبة الرطب/الرطب للبلاد التونسية وتشهد هطول الكثير من الأمطار التي تتراوح سنويا بين 450 و1500مم. تمتد الأراضي الزراعية بالمنصة التونسية على حوالي 24900 هكتار موزعة على قرابة 4300 فلاح وتشمل كذلك 23 منطقة سقوية. وتعتمد المنظومة الزراعية بهذه المنطقة على إنتاج الحبوب و البقول مع تربية الماشية. من أهم خصائص المنطقة، أن 82% من المستغلات الفلاحية ذات مساحة أقل من 20 هك كما تطغى التلال على مشهدها الطبيعي حيث تفوق نسبتها ال63% مما يجعل أكثر من ثلثي أراضيها عرضةً للانجراف المائي خاصةً في السنوات الممطرة.

كما انطلق خلال موسم 2012 مشروع دمج الزراعة وتربية الماشية تحت نظام الفلاحة الحافظة من أجل التكثيف المستدام للنظم الزراعية المرتكزة على الحبوب بشمال إفريقيا ووسط أسيا و الذي يشمل تونس، الجزائر و طجكستان و هو مركز بمنطقة سليانة. يمول ويشرف على هذا المشروع كل من الصندوق العالمي للتنمية الفلاحية (FIDA) و المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة (ICARDA). يهدف هذا المشروع من خلال البحوث التطبيقية التشاركية والمندمجة إلى تطوير واختبار طرق و منهجيات مبتكرة في التصرف في أهم الممارسات الزراعية من أجل دعم تبني دمج الزراعة وتربية الماشية تحت نظام الفلاحة الحافظة بشمال إفريقيا ووسط أسيا.

حسب أخر الإحصائيات بلغ عدد عدد الفلاحين الممارسين للفلاحة الحافظة 101 فلاح وقدرت المساحات التي تطبق فيها هذه التقنية بما يقارب 12000 هكتار.

فوائــــــــد الفلاحة الحافظة

فوائد بيئية وزراعية

تتمثل خاصة في:

  • الحد من الانجراف المائي و الهوائي و المحافظة على الأراضي الزراعية المنحدرة.
  • تحسين خصوبة الأرض بالترفيع من نسبة المواد العضوية.
  • تثمين مياه الأمطار عبر التقليص من عملية التبخر وبالتالي تحسين عمليتي الخزن و التسرب المائي.
  • تخزين مادة الكربون في الأرض وبالتالي التخفيض من انبعاث الغازات المتسببة في الانحباس الحراري (1.4 tCO2e/ha/an).

فوائد اجتماعية واقتصادية

تتمثل بالأساس في:

  • التخفيض في مدة الأشغال باختصار و تقليل العمليات الزراعية و بالتالي ليونة في الرزنامة الزراعية
  • التخفيض من استهلاك الوقود (35 إلى 45 ل/هك).
  • تقليص ساعات العمل (من 4 إلى 5 ساعات بالهكتار).
  • سهولة التدخل الميكانيكي بعد نزول الأمطار بوقت قصير وذلك بفضل تماسك بنية أديم الأرض مما ينعكس ايجابيا على تطبيق الحزمة الفنية.

النتائج المسجلة

لقد أفضت النتائج المتحصل عليها في جل المواقع التجريبية منذ انطلاق تجربة الفلاحة الحافظة إلى:

  • مردود الزراعات: تفوق في المردود لفائدة الفلاحة الحافظة مقارنة بالفلاحة العادية بلغ معدل 12 %، كما أنه من مميزات الفلاحة الحافظة إفراز محاصيل جيدة على مستوى الحب (الوزن النوعي) والتبن على مستوى الكميّة.
  • كلفة الميكنة: لا تتطلب الفلاحة الحافظة إلا نصف الوقت المخصص للبذر مما ينجر عنه تمديد في فترة استعمال المعدات أو استعمالها لغايات أخرى. انخفاض كلفة الميكنة بمعدل 20% بالنسبة للبذر المباشر مقارنة بالبذر التقليدي وانخفاض في كمية استهلاك الوقود يصل إلى 25%.
  • كلفة الإنتاج: سجلنا انخفاض في كلفة الإنتاج لصالح الفلاحة الحافظة بالنسبة للضيعات التي تفوق مساحتها 200 هك و التي شهدت تطبيق حزمة فنية متكاملة.
  • صافي الربح و المردود الاقتصادي: يتبين من خلال الدراسة الاقتصادية تفوق الفلاحة الحافظة اقتصاديا مقارنة بالبذر التقليدي حيث سجلت أعلى مردود اقتصادي ويعود ذلك إلى تسجيل أعلى فائدة صافية.

يجب التذكير بأن الهدف الرئيسي من الفلاحة الحافظة ليس فقط السعي إلى التقليص من كلفة الميكنة بالحد من حراثة الأرض لأنه يمثل إحدى أهم التقنيات في مكافحة الانجراف إضافة إلى كونه يمكن من تحسين الخصوبة العضوية للتربة ويعطيها قدرة أفضل على امتصاص و تخزين الماء مما يمكن من إحداث توازن داخل التربة و يرفع من النشاط البيولوجي فيها. وبحدوث هذا التوازن يمكن لهذه التقنية أن تكون منتجة و ذات مردود اقتصادي.

أهم الصعوبات التي تعيق انتشار وتطوير الفلاحة الحافظة

  • ظعف الجهد التنموي والبحثي لنشر هذا النمط من الإنتاج وللإحاطة بالفلاحين المتبنيين لهذه التقنية
  • غياب رؤية وسياسة وطنية واضحتين بخصوص هذا النمط من الإنتاج
  • إقتصار العمل على نشر الفلاحة الحافظة على المشاريع التنموية الممولة من طرف متعاونين أجانب
  • غلاء ألة البذر المباشر خاصتا بالنسبة لصغار الفلاحين (40 إلى 50 ألف دينار)

محاور برنامج وطني لنشر وتطوير الفلاحة الحافظة

  • صياغة خطة تنموية للتوسع التدريجي في المساحات المزروعة حسب نظام الفلاحة الحافظة
  • سن التشريعات المانعة للحراثة في أحواض الوديان والمرتفعات المحيطة بالسدود (مستجمعات المياه)
  • دعم وتشجيع البحوث والتنمية في مجال الفلاحة الحافظة
  • تكوين فنيي وزارة الفلاحة في مجال الفلاحة الحافظة
  • بعث معهد للبحث والتكوين والتنمية في مجال الفلاحة الحافظة
  • إدراج الفلاحة الحافظة في مناهج التكوين الجامعي للتقنيين الفلاحيين
  • دعم الفلاحين المتبنيين على مستوى التأطير والإحاطة
  • إقرار حوافز على الخدمات المسداة من قبل الفلاحين المتبنيين مثل الحد من الإنجراف٬ الحد من ضياع الماء٬ الترفيع في أعمار السدود بالحد من سرعة تراكم الطمي وكميته والمحافظة على البنية التحتية (الطرقات والمدن) بالحد من مياه السيلان والتقليص من انبعاث الغازات الدفيئة بالحد من إستهلاك الوقود و بإحتجاز الكربون بالتربة
  • إقرار حوافز للتشجيع على اقتناء ألات البذر المباشر المنخفضة الكلفة ودعم تصنيع وتسويق البذارة المصممة من قبل المعهد

شريط حول الفلاحة الحافظة